الخميس, مايو 9, 2024
spot_img
الرئيسيةنصوص مترجمةنحو نظرية نقدية للتواصل كتجديد وتحديث الإنسانية الماركسية (Marxist-humanist) في عصر الرأسمالية...

نحو نظرية نقدية للتواصل كتجديد وتحديث الإنسانية الماركسية (Marxist-humanist) في عصر الرأسمالية الرقمية

 

 1- المقدمة
منذ الثمانينيات، برزت اتجاهات للتنظير بأن النظرية الماركسية غير عصرية. في الفلسفة الاجتماعية، تحدت ما بعد الحداثة وما بعد البنيوية، الروايات الكبرى والعالمية ولامركزية التركيز على الاقتصاد. وكما أشار ديفيد هارفي (1990)، فقد أصبحت ما بعد الحداثة إيديولوجية شرعية لنظام التراكم المرن للرأسمالية، إذ حلّت سياسة الهوية والاختزال الثقافي محل السياسة الطبقية والاقتصاد السياسي. في آخر مقابلة له قبل وفاته، لاحظ ستيوارت هول، الذي دافع عن سياسات ما بعد البنيوية والهوية في الدراسات الثقافية، بان النظرية المعاصرة “في محاولتها الابتعاد عن الاختزالية الاقتصادية، نسيت نوعا ما بأن هناك اقتصادا على الإطلاق” (Jhally، 2016، ص 337) وأنها “ضعف حقيقي” لأن هناك نقاص في التعامل مع “التقليد الماركسي للتفكير النقدي” (Jhally، 2016، ص 338). حدث الابتعاد عن ماركس والتحليل النقدي للطبقة والرأسمالية في وقت توسع النيوليبرالية، والتي كان لها تأثير متناقض حيث أصبح التحليل الماركسي سياسيا أكثر أهمية من أي وقت مضى مع زيادة التفاوتات الاجتماعية وظهور أشكال جديدة من التقشف والعمل غير المستقر؛ في حين نفى التيار الأكاديمي والفكري السائد أهميتها. وفي كراهيتها لماركس والماركسية، شكلت ما بعد الحداثة والنيوليبرالية إجماعا أيديولوجيا غريبا.
في عام 2008، بدأت أزمة اقتصادية عالمية جديدة نتيجة لتطور تناقضات الرأسمالية النيوليبرالية (Foster & Magdoff، 2009؛ Harvey، 2010؛ Roberts، 2016؛ Wallerstein، Collins، Mann، Derluguian، & Calhoun، 2013). منذ ذلك الحين، كان هناك اهتمام متزايد بأعمال ماركس (Fuchs & Monticelli، 2018). اليوم، أصبح من الصعب إنكار أن ماركس يستطيع أن يوجه تحليل مجتمع القرن الحادي والعشرين. في ضوء هذا التطور، تهدف هذه المقالات إلى المساهمة في تجديد النظرية الماركسية. بالنظر إلى أهمية تقنيات المعلومات والتواصل وعمل التواصل في المجتمع المعاصر، تحتاج النظرية الاجتماعية إلى أن تسأل: ما هو التواصل؟ ما هو دور التواصل في المجتمع؟ ما هو دور التواصل في الرأسمالية؟ ما هو دور التواصل في الرأسمالية الرقمية؟ يساهم هذا البحث في الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تجديد الارتباط بتقليد معين للنظرية الماركسية، وهو إنسانية الماركسية.

2- إنسانية الماركسية اليوم

ظهرت نزعة إنسانية الماركسية في النظرية الاجتماعية في القرن العشرين. أساس هذه النظرية هو فلسفة هيجل الجدلية ومخطوطات ماركس الاقتصادية والفلسفية لعام 1844. كان اهتمامهما الأيكولوجي والسياسي هو إنشاء الاشتراكية الديمقراطية كبديل للرأسمالية والفاشية وأشكال أخرى من الدولة السلطوية. ركزت تحليلاتهما على الإنسان، والجوهر البشري، والممارسات البشرية، والاغتراب، والتطبيق السياسي، والصراعات الطبقية، ونقد الأيديولوجيا، وجدل الموضوعات/ الأشياء، والممارسات/ الكيانات، والعمل/ رأس المال، والاقتصادي/ غير الاقتصادي، الاستمرارية/ الانقطاع، إلخ.
هناك خمسة أسباب لاحتياجنا إلى تجديد إنسانية الماركسية اليوم.
السبب الأول هو ظهور الرأسمالية الاستبدادية. في النظرية النقدية، يعود مفهوم الاستبداد إلى إريك فروم (1941/ 1969)، الذي يعرّفه على أنه شخصية اجتماعية تخضع لمن هم في السلطة وتتمتع بالسيطرة على الآخرين. بالنسبة لفروم، الفاشية هي الشكل الأكثر تطورا للمجتمع الاستبدادي والرأسمالية الاستبدادية. يرى ماكس هوركهايمر (1939/ 1989، ص 78) إمكانات استبدادية وبالتالي فاشية متأصلة في الرأسمالية نفسها. لكن ليس كل شكل من أشكال الرأسمالية يطور بالكامل إمكاناته الاستبدادية. يحدد أدورنو (-1950 ) عددًا كبيرًا من خصائص الشخصية الاستبدادية. جوهر هذا النهج يقع في أربع ميزات:
  • الاستبداد الذي يجمع بين الإيمان المناهض للديمقراطية بضرورة وجود قادة أقوياء من أعلى إلى أسفل، وبين القومية.
  • مخطط الصديق/ العدو وكبش الفداء الأيديولوجي.
  • الإيمان بسياسة القانون والنظام.
  • العنف، التشدد والحرب كأفضل الوسائل السياسية (Fuchs, 2018a).
إن الرأسمالية الاستبدادية هي مجتمع يجمع بين الرأسمالية وهذه المبادئ. ظهرت أشكال جديدة من القومية والاستبداد في السنوات الأخيرة. إنها تشكل مخاطر على الديمقراطية ويمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية جديدة، وإبادة جماعية، وفاشية، وما إلى ذلك. تشدد إنسانية الماركسية على الاشتراكية والإنسانية كمعارضين للفاشية.
أما السبب الثاني فهو محدودية ما بعد الحداثة في الرأسمالية المعاصرة. كان لألتوسير وفوكو تأثير كبير على ظهور وتطور ما بعد الحداثة وما بعد البنيوية التي هاجمت النظرية الماركسية، والسياسة الطبقية، ومفاهيم الإنسان، والحقيقة، والاغتراب، والقواسم المشتركة، والعالمية، وما إلى ذلك.
في حين أن هناك منظري ما بعد الحداثة الذين استخدموا ماركس بشكل مثمر، فقد ساهمت إصدارات معينة من ما بعد الحداثة في تدهور النظرية الماركسية في عصر كانت فيه التناقضات الطبقية تتفجر. تتصدر إنسانية الماركسية التطبيق العملي كنضال طبقي ونظرية ماركسية. إنها نقد لما بعد الحداثة. طورت ما بعد الحداثة النسبية ومعاداة الكونية حيث لا توجد حقيقة. في عصر الأخبار الكاذبة، وما بعد الحقيقة، والقوميات/ الفاشية الجديدة، نحتاج إلى مفهوم سياسي للحقيقة. تمكننا إنسانية الماركسية من التفكير بشكل نقدي فيما هو صحيح وما هو خاطئ. لقد عززت ما بعد الحداثة سياسات الهوية بدون سياسات طبقية ونتيجة لذلك، كان الإصلاح الليبرالي.
تقدم إنسانية الماركسية السياسات الاشتراكية الديمقراطية. لقد عززت ما بعد الحداثة كراهية ماركس. لكن في زمن الأزمة الرأسمالية الكبرى، كانت هناك حاجة ماسة إلى ماركس. لقد طورت نظرية وفكر ما بعد الاستعمار أشكالا متقدمة من الاستشراق العكسي (Chibber, 2013; Warren, 2017) حيث تم اعتبار كل شيء غير أوروبي وغير غربي تلقائيا تقدميا، مما أضفي الشرعية جزئيًا على الاستبداد. بينما تؤكد إنسانية الماركسية على العالمية والقواسم المشتركة بين البشر.
السبب الثالث هو الحاجة إلى التحليل الديالكتيكي. إن ما بعد الإنسانية، ومفهوم الأنثروبوسين، ونظرية شبكة الممثلين، والمادية الجديدة، وما إلى ذلك، هي عبارة عن هجمات على الإنسان تقضي على جدلية الوحدة والاختلافات في كيانات تقضي على أهمية البشر أو تقللها.
ما بعد الإنسانية يحط من قيم ديالكتيك البشر/ غير البشر والإنسان/ التكنولوجيا (الروبوتات) عبر شخص خيالي أو افتراضي تمتد قدراته الجسدية إلى ما وراء الحدود البشرية العادية بواسطة عناصر ميكانيكية مدمجة في الجسم. تعلن نظرية شبكة الممثلين لـبورنو لاتور أن الأشياء والأدوات مثل الآلات تشبه تماما الفاعلين الاجتماعيين من البشر ومعهم شبكات الممثلين. نتيجة لذلك، ينهي لاتور التمايز بين الإنسان باعتباره الكائن الاجتماعي وغير البشري باعتباره اجتماعيا (انظر أيضًا Fuchs، 2020a، pp. 20–21).
تشكل المشاكل البنيوية السبب الرابع. (ما بعد) البنيوية تختزل البشر إلى حاملي كيانات تشبه الدُمى على خيط. إنها تقلل من أهمية الممارسات البشرية والفكر البشري والتواصل والإنتاج والصراعات الاجتماعية في المجتمع. في المقابل، تؤكد نزعة إنسانية الماركسية على الممارسات والتطبيق وجدلية الممارسات/ الكيانات في المجتمع. تفسد الحسابات البنيوية للمجتمع الكيانات التي يتم تفسيرها على أنها جهات فاعلة مستقلة تعمل على البشر ومستقلة عنهم. إنهم يتجاهلون رؤية ماركس الديالكتيكية بأن البشر “يصنعون تاريخهم بأنفسهم، لكنهم لا يصنعونه كما يحلو لهم. إنهم لا يفعلون ذلك في ظل الظروف التي يختارونها بأنفسهم، ولكن في ظل ظروف تتم مواجهتها بشكل مباشر، ومعطاة ومنقولة من الماضي” (Marx، 1852، ص 103).
إن فتشية الاختلاف هي السبب الخامس (الفتشية هي السلوك الذي يهتم به شخص ما كثيرا بشيء أو نشاط ما لدرجة أنه يقضي وقتا غير معقول في التفكير فيه أو القيام به). إن تركيز ما بعد الحداثة على الاختلاف له ما يوازي إيديولوجية اليمين الجديد الذي يطالب بفصل الثقافات. إن الأشكال الجديدة للقومية التي انتشرت في السنوات العشر الماضية تبث الاختلاف من خلال التأكيد على الفخر بالأمة وكراهية المهاجرين واللاجئين والملونين، إلخ. تؤكد إنسانية الماركسية على عالمية الإنسانية، والسمات المشتركة للبشر، ولا يمكن تجزئة الإنسانية.
إن الأسئلة الأساسية التي يبدأ منها هذا النهج هو: ما هو التواصل؟ ما هو دور التواصل في المجتمع؟ القسم الثالث يتعامل مع هذه الأسئلة.
3 . التواصل في المجتمع
يحلل هذا القسم أولاً علاقة العمل والتواصل (القسم الفرعي 3-1) ثم يوسع المناقشة لتحليل دور التواصل في المجتمع بشكل عام (القسم الفرعي 3-2).
3 .1 العمل والتواصل
عند التفكير في نظرية نقدية للتواصل، سوف يفكر معظم العلماء فورًا في نظرية هابرماس للفعل التواصلي، وهي النهج النقدي الأبرز والأكثر قراءة واستشهادا بتحليل التواصل في المجتمع.
يختلف النهج المعرفي والمنهجي الذي يتبعه المؤلف الحالي كثيرًا عن النهج الذي اختاره هابرماس في تكوين نظريته عن الفعل التواصلي. شارك الفيلسوف الألماني بشكل أساسي مع منظري اللغة والتواصل غير الماركسيين، وخاصة جورج هربرت ميد، وجان بياجيه، وجون سيرل. لقد دعم هابرماس ضمنيا التحيز القديم، ولكن من غير الصحيح، بأن الماركسية ليس لديها ما تقوله عن التواصل والثقافة. على النقيض من ذلك، يحاول النهج الذي طوره المؤلف الحالي إبطال هذا الادعاء من خلال إظهار بأن هناك تقليدًا ثريًا ولكنه مُتجاهل للتفكير النقدي حول اللغة والتواصل في النظرية الماركسية.
انطلاقًا من فلسفة جينا لهيجل، طور هابرماس في مقال عام 1968 بعنوان “العمل والتفاعل” أفكارا حول العمل والتفاعل التي شكلت في الثمانينيات أحد الأسس لنظريته لأبوبوس ماغنوم في “نظرية الفعل التواصلي” (Habermas، 1985 أ، 1985 ب). في محاضرات جينا، جادل هيجل (1803/1804، 1805/1806) بأن العمل والتفاعل هما مظهران من مظاهر الروح. في تفسيره لفلسفة هيجل للروح، يجادل هابرماس (1968) بأن العمل والتفاعل جانبان من جوانب المجتمع يعتمدان على منطقتين مختلفتين، وهما الفعل الاستراتيجي (العمل) والفهم (التفاعل).
إن العمل والتواصل ليسا بعمليتين بشريتين منفصلتين، إنهما متطابقان ومختلفان. في أعماله الفلسفية المبكرة مثل “المخطوطات الاقتصادية والفلسفية” (Marx، 1844 ج) و”الأيديولوجيا الألمانية” (Marx وEngels، 1845/46)، سأل ماركس نفسه: ما هو الإنسان وكيف تعطل الرأسمالية الإنسان، وبنى نظريته النقدية عن الرأسمالية على هذه الأسس. الفكرة الأساسية لهذه الأعمال هي أن الإنسان كائن مجتمعي. “الفرد هو الكائن الاجتماعي” (Marx، 1844 ج، ص 299). يشكل البشر ويتشكلون من خلال العلاقات الاجتماعية التي يدخلونها في الحياة اليومية: “ليس فقط إن المادة لنشاطي، التي أعطيت لي، هي كمنتج اجتماعي (كما هي حتى اللغة التي ينشط فيها المفكر): وجودي هو اجتماعي النشاط، وبالتالي ما أفعله من نفسي، أجعله من أجل المجتمع ومع وعي نفسي ككائن اجتماعي” (Marx، 1844 ج، ص 298). يضيف ماركس البصيرة القائلة بأن العلاقات الاجتماعية التي يدخلها البشر هي علاقات إنتاج. إن “إنتاج الحياة المادية نفسها […] من أجل استدامة الحياة البشرية” هو “شرط أساسي في كل التاريخ” (Marx وEngels، 1845/46، ص 42).
إن الإنسان كائن منتج، اجتماعي، مجتمعي. من خلال إنتاج ظروف حياتهم، ينتج البشر المجتمع ويعيدون إنتاجه. الإنتاج الاجتماعي، والإنتاج في العلاقات الاجتماعية، وإنتاج العلاقات المجتمعية والمجتمع، هي السمات الرئيسية للإنسان. تعني مادية المجتمع؛ أن الإنسان ينتج الاشتراكية وينتجها اجتماعيًا. الإنتاج لتلبية احتياجات الإنسان هو السمة الرئيسية للمجتمع. هذا يعني أن العمل هو العملية الأساسية التي يتكون منها المجتمع. إنها عملية اقتصادية لكنها تمتد من الاقتصاد إلى الحياة السياسية والثقافية. ينتج البشر أيضًا علاقات سياسية، حيث يتخذون قرارات جماعية، وعلاقات ثقافية، حيث يصنعون معنى للعالم. لذلك، فإن الإنتاج لا يخلق فقط “الأكل والشرب، والمسكن، والملبس” ولكن أيضًا “أشياء أخرى مختلفة” (Marx وEngels، 1845/46، ص 42)، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية، والمجتمعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية. إن البصيرة الاجتماعية الرئيسية لماركس هي أن كل شيء موجود في المجتمع هو علاقة اجتماعية، ويتم إنتاجه كعلاقة اجتماعية. التواصل، أي “إنتاج الأفكار” و “التواصل العقلي” للبشر، ليس غير مادي ولكنه جزء من “النشاط المادي” (Marx وEngels، 1845/46، ص 36). التواصل هو “لغة الحياة الواقعية” (ص 36). البشر هم “منتجو تصوراتهم وأفكارهم وما إلى ذلك”. (ص 36).
يجادل ماركس وإنجلز بأن التواصل هو عملية إنتاج. هناك ديالكتيك في العمل والتواصل: يتواصل البشر بشكل مُنتج وينتجون بشكل تواصلي. يهدف التواصل إلى إنتاج قيمة استخدام اجتماعية محددة، وهي أن البشر يفهمون العالم ويفهمون لبعضهم البعض. لذلك، يكون التواصل مثمرًا. إن إنتاج قيم الاستخدام التي ترضي احتياجات الإنسان لا يمكن تحقيقه بشكل فردي، ولكن فقط في العلاقات الاجتماعية. التواصل هو العملية التي تنظم العلاقات الاجتماعية. لذلك، ينتج البشر بشكل تواصلي.
3. 2. المجتمع كوسط للإنتاج المنظم بشكل تواصلي
التواصل هو عملية إنتاج العلاقات الاجتماعية والجماعات والمنظمات والنظم الاجتماعية والبنى والمؤسسات. لذلك فهي أيضًا العملية التي تنظم وتتوسط إنتاج وإعادة إنتاج المجتمع بطريقة ديناميكية.
المجتمع هو الكل – مُركب المُركبات، كما يقول Lukács (1986a, 1986b) – حيث ينتج فيه البشر ويعيدوا إنتاج العلاقات الاجتماعية التي تعمل على تهيئة وتمكين وتقيد ممارساتهم. إنها عملية جدلية حيث الممارسات الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية تضع بعضها البعض بشكل متبادل. يتكون المجتمع من ثلاثة مجالات هي الاقتصاد والسياسة والثقافة. هذه العوالم ليست منفصلة من جهة ولا يمكن اختزالها بالكامل في نظام واحد ولا هي مُؤسسات متساوية في المجتمع. كلها اقتصادية لأن جميع النظم الاجتماعية هي أنظمة إنتاج.
النهر هو تشبيه جيد للمجتمع. المجتمع هو تدفق ديناميكي ومنتج للأنشطة البشرية. يصف جورج لوكاش المجتمع بشكل مجازي بأنه “نهر الحياة اليومية” (Lukács، 1963، p. 13، translation from German؛ see the visualization in Figure 2). يبرز النهر باعتباره جدلية المجتمع في دور الشبكات والعمليات وتيارات الإنتاج الاجتماعي. وللأنهار فروع مختلفة تتدفق ديناميكيًا داخل وخارج التيار الرئيسي. إن التصور المجازي للنهر يصف المجتمع على أنه ديالكتيكي وإبداعي للتدفق المتناقض للإنتاج البشري.
إن السياسي والثقافي هما التيارات المنتجة، التي تتدفق من وإلى الاقتصاد. التواصل هو مياه الأنهار المجتمعية التي تتوسط وتمكن الحياة داخل التيار وتكاثره. في المجتمع الرأسمالي، غالبًا ما لا تكون الأنهار زرقاء ونظيفة كما يوحي عنوان فالس ليوهان شتراوس “نهر الدانوب الأزرق الجميل”. يبدو الواقع الرأسمالي أشبه بالنهر الملوث. النهر الملوث هو استعارة لكيفية تدمير الكيانات الطبقية والهيمنة على الحياة والبشر والمجتمع والطبيعة. تحتاج نظرية التواصل النقدية إلى النظر أيضًا في دور التواصل في المجتمع المغترب، أي المجتمعات الطبقية والمجتمع الرأسمالي. الجزء التالي من هذه الورقة يناقش التواصل في الرأسمالية.

4-  التواصل والاغتراب والرأسمالية الرقمية

يناقش هذا القسم أولاً ماهية الاغتراب (القسم الفرعي 4. 1.) ثم يحلل العلاقة بين الاغتراب والتواصل في المجتمع الرأسمالي (القسم الفرعي 4. 2.) مع التركيز بشكل خاص على أمثلة من الرأسمالية الرقمية.
4. 1. ما هو الاغتراب؟
البشر هم “مجموعة العلاقات الاجتماعية” (Marx، 1845، ص 4) حيث يتفاعلون مع البشر الآخرين في الحياة اليومية. نحن نتكون في مسار حياتنا من خلال العلاقات الاجتماعية التي ننتجها ونعيد إنتاجها وندخلها وحيث نلتقي بالآخرين كجزء من المجتمع. يمكن تنظيم العلاقات الاجتماعية والمنظمات والمؤسسات والمجتمع بأساليب مختلفة. في العلاقات الاجتماعية التعاونية، يتصرف البشر بأخلاق تفيد الجميع أو على الأقل الكثيرين. في العلاقات الاجتماعية التنافسية والفعالة، يحاول البشر الاستفادة من بعضهم البعض بحيث يستفيد أحدهم أو بعضهم على حساب الآخرين. هناك فرق بين المنطق التعاوني والادائي الفردي. يوجه الاداء الفردي الفعل البشري بحيث يستغل البعض الآخر، بينما يصوغ المنطق التعاوني الأفعال بطرق تخلق مزايا وحياة أفضل للجميع. إن إجراءات الاداء الفردية والتعاونية نوعان من العمل الهادف. في حين أن الأول يهتم بإحداث فوائد للقلة، يريد الثاني خلق فوائد للكثيرين.
الاغتراب هو المصطلح الذي يستخدمه ماركس لوصف العلاقات الاجتماعية المسيطرة وغير المتكافئة حيث لا يتحكم البشر في الظروف التي يعيشون فيها. في العلاقات المغتربة، لا يتحكم البشر في علاقات الإنتاج الاجتماعي ووسائله ونتائجه. يصف ماركس الاغتراب بأنه “فقدان الذات” (ماركس، 1844 أ، ص 228)، “العجز” (ص 228)، “فقدان الوجهة” (ماركس، 1844 ج، ص 273)، “فقدان الإنسان لواقعه” (ص 279)، “يكون انتاجه خسارة” (ص 279).
يرى ماركس الاغتراب على أنه عزلة اقتصادية، أي علاقات طبقية، علاقات يكون فيها نشاط العامل “ينتمي إلى نشاط آخر؛ إنه فقدان لنفسه”(ماركس، 1844 م، ص 274). لكنه من ناحية أخرى، يصف الأيديولوجية الدينية والدولة البرجوازية بالاغتراب (Fuchs، 2018c)، مما يدل على أنه إلى جانب الاغتراب الاقتصادي ومعه توجد أيضًا أشكال سياسية وثقافية من الاغتراب. لذلك يرى ديفيد هارفي (2018) أن الاغتراب هو عملية عالمية تمتد إلى ما وراء الإنتاج الاقتصادي إلى إدراك القيمة، واستهلاك وتوزيع السلع، والسياسة، والثقافة، والحياة الاجتماعية. يتحدث عن الاغتراب العالمي. يعرّف هارفي (2003، 2005) الإمبريالية الجديدة والليبرالية الجديدة على أنها تسليع (تقريبًا) كل شيء والتراكم عن طريق التجريد من الملكية. التسليع والاستغلال وبالتالي محاولة تعميم الاغتراب هي سمات جوهرية للرأسمالية. لقد نجحت النيوليبرالية في تحطيم حواجز دولة الرفاهية أمام عالمية الاغتراب الاقتصادي بحيث أصبح التسليع قادرًا على تكثيف وتوسيع نفسه.
يميز إريك فروم بين النزعة الإنسانية والاستبداد. في الأشكال الاجتماعية الاستبدادية، “تحدد السلطة ما هو جيد للإنسان وتضع قوانين وقواعد سلوك” (Fromm، 1965، p. 6). في الأشكال الاجتماعية الإنسانية، يكون الإنسان “معطي القاعدة وموضوع المعايير” (ص 6). الاستبداد هو نوع من هيكلة الشخصية، والأيديولوجيا، والبنية الاجتماعية، والنظام الاجتماعي حيث يتم التعامل مع البشر مثل الأشياء والأدوات. الإنسانية هي نوع من هيكلة الشخصية، والأيديولوجيا، والبنية الاجتماعية، والنظام الاجتماعي حيث يتم التعامل مع البشر بطريقة إنسانية حتى يتمكنوا من إدراك إمكاناتهم ويمكن للمجتمع أن يدرك إمكانياته بحيث يستفيد منها الكثير. يستخدم جورج لوكاش (1971) مصطلح التجسيد للعمليات التي يُعامل فيها البشر مثل الأشياء. يدافع أكسل هونيث (2008) عن تجديد مفهوم التجديد في النظرية النقدية ويفسره على أنه عمليات تخلق عدم الاحترام وتحافظ عليه. يرتبط التجسيد ارتباطا وثيقا بالاغتراب. في حين أن إعادة التجسيد أكثر تقدما لعملية اختزال البشر إلى حالة الأشياء، فإن الاغتراب له مزيد من الضغط على نتيجة هذه العملية، أي أن البشر ليسوا ما يمكنهم، ويستحقون ويجب أن يكونوا، لكنهم خارج نطاق السيطرة على الظروف التي تشكل حياتهم.
هناك تناقض أساسي بين منطق الاداء الفردي والتعاوني. يحدث على مستوى الممارسات والكيانات التي تشكل بعضها البعض بشكل متبادل. في الاقتصاد، يأخذ التجسيد والاغتراب شكل العلاقات الطبقية حيث يستغل أصحاب الملكية الخاصة العمال. بينما في الاقتصاد الاشتراكي، هناك على النقيض من المجتمعات الطبقية؛ الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج والعمال بشكل جماعي يحكمون ويسيطرون على المنظمات التي يعملون فيها، فهناك ديمقراطية اقتصادية. في النظام السياسي، يعني التجسيد والاغتراب هيمنة مجموعة واحدة على الآخرين وفي حالتها القصوى؛ تجسدها الديكتاتورية. في المقابل، يعني العقل السياسي التعاوني ديمقراطية تشاركية، حيث يتحكم البشر بشكل جماعي في الظروف التي تشكل حياتهم (Macpherson، 1973؛ Pateman، 1970).
في الثقافة المنفردة والمتحركة، هناك إيديولوجيات تحاول إضفاء الشرعية على المصالح المهيمنة عن طريق تشويه وإخفاء الواقع والكيانات التي تمنح الاحترام والشهرة للقلة وعدم احترام وتجاهل الكثيرين الذين يفتقرون إلى الصوت والرؤية. على النقيض من ذلك، فإن العقل الثقافي التعاوني يعني أن كل شخص يتم التعامل معه بطريقة محترمة، ومعترف بها، وله صوت في المجال العام.
يقدم إريك فروم (1947، 1965، 1976) الشخصية الاجتماعية كمستوى يتوسط بين علم النفس الفردي والمجتمع. الشخصية الاجتماعية هي بنية شخصية نفسية نموذجية سائدة لديها احتمالية أعلى في مجموعة اجتماعية معينة مقارنة بالمجموعات الأخرى. السلطوية والإنسانية هما الشخصية الاجتماعية الأساسية التي يحددها فروم. الأفراد الاستبداديون مدمرون واستغلاليون وتنافسيون وعدوانيون وبغيضون. الإنسانيون مبدعون، مهتمون، محبون، متعاونون ومفيدون. تتشكل نفسية الإنسان ووعيه من خلال العلاقات الاجتماعية التي يدخلون فيها على مدار حياتهم، وبالتالي يتأثرون بالتجارب التي يخوضونها والمستويات الجزئية والمتوسطة والكلية للمجتمع، بما في ذلك العلاقات الأسرية والشخصية، الاقتصاد والحياة السياسية والعلاقات الثقافية.
الرأسمالية هي شكل من أشكال الإنتاج الاقتصادي، حيث يضطر البشر إلى بيع قوة عملهم للرأسماليين الذين يمتلكون وسائل الإنتاج كملكية خاصة وإنتاج سلع تُباع في السوق من أجل تحقيق ربح نقدي يُعاد استثماره بهدف تراكم المزيد من رأس المال. وفقًا لماركس، في الاقتصاد الرأسمالي، الطبقة العاملة هي “آلة لإنتاج فائض القيمة” والطبقة الرأسمالية “آلة لتحويل فائض القيمة هذا إلى فائض رأس المال” (Marx، 1867a، p. 742) و”مستخرج العمالة الفائضة ومستغل فائض العمالة” (ص 425).
الرأسمالية هي عالم مجتمعي عام شكله منطق التراكم. في الاقتصاد، يعني التراكم ويستند إلى المنافسة بين الجهات الفاعلة في السوق، الذين يتعين عليهم السعي للسيطرة على رأس المال وتجميعه. في النظام السياسي للرأسمالية، هناك منافسة بين المجموعات السياسية التي تسعى جاهدة لمراكمة النفوذ وسلطة القرار. في النظام الثقافي للرأسمالية، هناك منافسة بين الأفراد الذين يسعون جاهدين ليصبحوا من المشاهير الذين يراكمون السمعة والاهتمام والاحترام. تشير كيانات التراكم إلى وجود رابحين وخاسرين. أقلية صغيرة من الرأسماليين والمديرين والمحافظين والمشاهير والمؤثرين تتراكم لديهم السلطة فيما يتم إضعاف العمال والمواطنين والأشخاص العاديين.
4. 2. التواصل في سياق الاغتراب والرأسمالية الرقمية
في المجتمع الرأسمالي، يتم تنظيم العديد من تقنيات التواصل كملكية خاصة. هناك علاقة طبقية بين الطبقة المهيمنة والطبقة المستغلة من المعرفة وعمال التواصل الذين يخلقون المعرفة وأشكال التواصل التي لا يمتلكونها ولا يحكمونها ولا يتحكمون فيها. في الرأسمالية، يتم تنظيم التواصل والمعرفة على شكل سلع ثقافية تُباع في السوق من أجل تجميع رأس المال. هم جزء من الاقتصاد الثقافي للرأسمالية.
دعونا نلقي نظرة على مثال للاغتراب الاقتصادي في سياق الرأسمالية الرقمية: الإعلان الرقمي. في اقتصاد الرأسمالية الرقمية، نجد الشركات الاحتكارية مثل Google أو Apple أو Facebook أو Amazon أو Microsoft التي تتحكم في الخدمات الرقمية مثل محركات البحث أو الهواتف أو الشبكات الاجتماعية أو التسوق عبر الإنترنت أو أنظمة التشغيل.
نمت أهمية الإعلان عبر الإنترنت بشكل مستمر. يتحكم الإعلان الرقمي اليوم في الحصة الأكبر من عائدات الإعلانات العالمية. في عام 2018، استحوذت Google وFacebook معا على 72.1٪ من عائدات الإعلانات الرقمية في العالم و31.9٪ من إجمالي عائدات الإعلانات العالمية. وتعد Google وFacebook من أكبر وكالات الإعلان في العالم.
بينما يعني التنظيم الإنساني لاقتصاد المعلومات الملكية الجماعية لوسائل التواصل وتنظيم التواصل والثقافة كسلع وهدايا مشتركة. هناك شركات ثقافية مدارة ذاتيا (تعاونيات ثقافية).
كانت شركة البث المملوكة للدولة النازية؛ تعني بأن الدولة النازية يجب أن تتأكد من أن المحتوى الذي تبثه وتنشره وسائل الإعلام يتماشى مع الأيديولوجية الفاشية والعنصرية ومعاداة السامية، إلخ. في التنظيم الاستبدادي للتواصل السياسي، هناك دعاية جماهيرية تحاول جعل الأفراد يستمعون إلى الزعيم المستبد. هناك عناصر استبدادية ليس فقط في الفاشية، ولكن في جميع أشكال الرأسمالية. تريدنا وسائل الإعلام الرأسمالية أن نستمع ونعجب بالطبقة الحاكمة وبالنخبة البيروقراطية والمشاهير والمؤثرين. “نستمع إلى كل صوت وإلى الجميع ولكن ليس إلى أنفسنا. نتعرض باستمرار لضجيج الآراء والأفكار التي تدق علينا من كل مكان: الأفلام، والصحف، والراديو، والأحاديث الخاملة” (Fromm، 1947، ص 121). في التواصل الاستبدادي، يتم إجبار البشر وتشجيعهم على الاهتمام بقائد (أيديولوجية أو نظام أو مجموعة أو فرد).
دعونا نلقي نظرة على الاغتراب السياسي في سياق الرأسمالية الرقمية الاستبدادية المعاصرة. في المجال السياسي للرأسمالية الرقمية، شهدنا ظهور أشكال جديدة من القومية والسلطوية اليمينية التي تشكل مرحلة جديدة من التطور الرأسمالي يمكن تسميتها بالرأسمالية الاستبدادية (Fuchs، 2018a). يستغل المستبدون اليمينيون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر أيديولوجيتهم (Fuchs، 2020d). دونالد ترامب هو المثال الأكثر شهرة. مع 71.5 مليون متابع على Twitter في أواخر كانون الثاني (يناير) 2020، فهو الفرد صاحب المرتبة العاشرة من حيث عدد المتابعين. لديه متابعون على Twitter أكثر من Justin Timberlake وKim Kardashian. إن كيفية استخدام ترامب لــ Twitter، يعتبر مثالا نموذجيا، لإلقاء اللوم على المهاجرين كمجرمين وإلقاء اللوم عليهم في المشكلات الاجتماعية من أجل تشتيت الانتباه عن كيفية تأصل هذه المشكلات في طبقة الرأسمالية وكيانات السلطة.
إن الحكم الديمقراطي لوسائل الاتصال والمعرفة العامة هو سمة أساسية للتنظيم الإنساني للتواصل السياسي. يشارك المواطنون والعاملون في المجال الثقافي في إجراءات اتخاذ القرار في المؤسسات الإعلامية. لا توجد دولة أو غيرها من يستطيع احتكار الصوت. يتم تمكين المواطنين من قبل وسائل الإعلام للتحدث والاستماع إلى بعضهم البعض. لا تغطي التقارير الإعلامية فقط النخبة وتمجدها، ولكنها تهتم بحياة الناس العاديين. “أن يكون المرء قادرا على الاستماع إلى نفسه هو شرط أساسي للقدرة على الاستماع إلى الآخرين” (Fromm، 1947، ص 79). يمكّن التنظيم الإنساني للتواصل السياسي البشر من الاستماع إلى بعضهم البعض. كما أنها تمكنهم من الاستماع والاهتمام بأنفسهم. في مثل هذا النظام، يتفاعل البشر مع بعضهم البعض. هناك وسائط خدمة عامة مستقلة، مما يعني أن هذه الوسائط مستقلة عن سلطة الدولة والشركات وتوفر إشراكاً للمعلومات والتواصل والتعليم والخدمات الترفيهية. يتم تمكين وسائط الخدمة العامة بموجب القوانين ولكن لا تسيطر عليها الدولة.
في نظام ثقافي منظم بطريقة سلطوية ومنفصلة، نجد التواصل العام المستمر للأيديولوجيا. إن الأيديولوجيات هي أشكال من المعرفة، شرعت الهيمنة والمجتمع الطبقي. من خلال إنتاج ونشر الأيديولوجيا، يهدف أفراد ومجموعات اجتماعية معينة إلى إقناع أفراد الجمهور وكسبهم حتى يخلقوا هيمنة توافق على الاستغلال والسيطرة وترى هذه الظواهر ضرورية وطبيعية وجيدة. يستخدم الأيديولوجيون استراتيجيات مثل التسريع، والإيجاز، والإخفاء، والتشويه، والأكاذيب، والتلاعب، والتخصيص، والفضيحة، وكبش الفداء، والسطحية، إلخ. إنهم يريدون خلق وعي زائف وإعادة إنتاجه.
دعونا نلقي نظرة على مثال للثقافة المنفردة في سياق الرأسمالية الرقمية: فضيحة Cambridge Analytica. في المجال الثقافي للرأسمالية الرقمية، شهدنا ظهور أشكال جديدة للتواصل الإيديولوجي عبر الإنترنت. في هذا السياق، تعتبر الأخبار المزيفة على الإنترنت ذات أهمية خاصة. الأخبار المزيفة عبر الإنترنت هي قصص إخبارية ملفقة تنتشر على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. الهدف منها هو تجديد وعي المواطنين من خلال الدعاية اليمينية التي تروق لمشاعر مثل الغضب والخوف والكراهية والحزن. الأخبار المزيفة هي إيديولوجية يتم تداولها عبر الإنترنت في شكل أخبار مصطنعة. من أمثلة مواقع الويب ذات اليمين البديل Breitbart وDrudge Report وInfoWars وDaily Caller وDaily Wire وWorldNetDaily.
أدى الجمع بين الإعلانات الرقمية والاستبداد الرقمي والأيديولوجية الرقمية إلى تمكين فضيحة Cambridge Analytica. فقد دفعت Cambridge Analytica أموالاً إلى Global Science Research (GSR) لإجراء اختبارات شخصية مزيفة عبر الإنترنت من أجل الحصول على بيانات شخصية على Facebook لما يقرب من 90 مليون مستخدم. تم استخدام البيانات لاستهداف الإعلانات السياسية والأخبار الكاذبة للناخبين. استفاد Facebook مالياً لأن تدفقات البيانات الضخمة هي جزء من نموذج تراكم رأس المال الخاص به. لذلك سمح للواجهات المفتوحة التي تدعم جمع البيانات على نطاق واسع من قبل الجهات الخارجية. أدى الافتقار إلى التنظيم السياسي للإنترنت إلى تمكين المراقبة الرقمية. يستخدم المستبدون اليمينيون جميع الوسائل الضرورية، بما في ذلك خروقات البيانات وانتهاكات الخصوصية، لنشر أيديولوجيتهم. تم تمكين Cambridge Analytica من خلال مزيج من أيديولوجية اليمين المتطرف، والممارسات الرأسمالية الرقمية في Facebook، والسياسة النيو ليبرالية.
بسبب التقارب بين الإنتاج والاستهلاك، فقد رأينا كيف أصبحت الأسئلة الخاصة المتعلقة بالمستهلكين مسائل تتعلق بالعمل والإنتاج. ينتج مستخدمو Facebook وGoogle سلعا، وهي البيانات والاهتمام التي تمكن الإعلانات المستهدفة التي يتم بيعها لعملاء الإعلانات. إنهم عمال رقميون (Fuchs، 2017c). إن المراقبة وانتهاكات الخصوصية وخرق البيانات ليست مجرد قضايا تتعلق بالمستهلكين، ولكنها أسئلة حول العمل الرقمي لا ينبغي أن يتعامل معها المدافعون عن الخصوصية فحسب، بل أيضًا النقابات العمالية. السبب وراء قيام Google وFacebook بجمع كميات كبيرة من البيانات الشخصية وعدم حذفها أبدا هو أن البيانات هي الزيت الرقمي الذي يدفع أرباح هذه الشركات العملاقة. إن استخدام الإنترنت ليس مجرد مسألة تتعلق بحقوق المستهلكين بل هو مسألة تتعلق بحقوق العمال. نحن بحاجة إلى نقابات عمالية رقمية وفروع من النقابات القائمة التي تتعامل مع قضايا العمل الرقمي وتنظم حملات مع منظمات حماية المستهلك، ومنظمات حقوق الإنسان، ودعاة الخصوصية. في الرأسمالية الرقمية، الأسئلة حول حقوق الخصوصية وحقوق الإنسان وحقوق المستهلك هي أسئلة حول حقوق العاملين الرقميين.
إن الثقافة المنظمة بطريقة إنسانية لا تتطلب أيديولوجيا لتنتجها وتنشرها. إنها غير أيديولوجية. فهي تنتج المعرفة التي تشجع التفكير النقدي والنشاط الذاتي والإبداع.
بالنظر إلى تكثيف الرأسمالية والاغتراب في ظل الليبرالية الجديدة، يطرح السؤال كيف يمكن أن تبدو البدائل والنضال من أجل البدائل؛ وما هو الدور الذي يلعبه التواصل في هذا السياق. يركز القسم التالي على هذا الموضوع.

5- التواصل والنضال من أجل البدائل في عصر الرأسمالية الرقمية

تعد الصراعات الاجتماعية والطبقية سمة مهمة من سمات مناهج إنسانية الماركسية. بالنظر إلى أن نزعة إنسانية الماركسية تؤكد على الإنسان، والاشتراكية كإنسانية، والإنسانية باعتبارها اشتراكية، والتطبيق العملي، فإن المعنى المنطقي هو أنها تقدم أهمية الصراع الطبقي والاجتماعي كجزء من الاشتراكية الإنسانية ومن أجل تحقيقها.
هناك علاقة اشتقاقية بين التواصل والمجتمع وعموم الناس (commons). في مجتمع تواصل حقيقي، يتحقق الأصل الاشتقاقي للتواصل. مجتمع التواصل الذي يفي بوعوده هو مجتمع العموم. لا يعني التواصل إذن؛ استخدام الأدوات، والتسليع، والبيروقراطية، وإضفاء الطابع الأيديولوجي على مشاركة المعرفة وجعل شيءٍ مشتركا بحيث يستفيد منه الكثيرون. عموم الناس هو المبدأ الأساسي لمجتمع التواصل الحقيقي. مجتمع التواصل هو مجتمع يمارس فيه البشر سيطرة مشتركة على الظروف التي تحكم وتشكل حياتهم.
يكون التواصل في مثل هذا المجتمع قائما على أساس عامة الناس، أي أنظمة التواصل التي تكمن فيها “حريتها الأساسية […] في عدم كونها تجارة” (Marx، 1842، ص 175). إن العداء الاقتصادي الأساسي الذي يشكل التواصل والثقافة والتكنولوجيا اليوم هو التناقض بين التسليع وعمومية الاستخدام.
مجتمع العموم هو المجتمع الذي يدرك خلق الاقتصاد العام (الثروة وتحقيق الذات للجميع)، والسياسة العامة (الديمقراطية التشاركية)، والثقافة العامة (صوت الجميع والاعتراف بهم).
يتصور ريموند ويليامز ديمقراطية تواصلية وثقافية. في مثل هذه الديمقراطية، هناك تعاون بين وسائل الإعلام العامة، ووسائل الإعلام المجتمعية، والتعاونيات الثقافية. يتصور ويليامز “أنواعا جديدة من المؤسسات المجتمعية والتعاونية والجماعية” (Williams، 1983، ص 123). يستخدم التواصل الديمقراطي المنطق وعقلانية التعاون. في نظام التواصل الديمقراطي، لا تتحكم الشركات والدولة والمشاهير في الصوت والصورة. في مثل هذا النظام، نجد حرية حقيقية في الكلام تمكن البشر من الاستماع والتحدث والمشاركة. وسائل التواصل الديمقراطية هي “وسائل المشاركة والمناقشة المشتركة” (Williams، 1976، ص 134). يجادل ويليامز بأن وسائل الإنتاج الرئيسية يجب أن تكون مملوكة ملكية عامة وأن تُمنح للاستخدام للمنظمات ذاتية الإدارة، والتي تحتاج إلى التأكد من وجود تنوع في الرأي السياسي وتجنب سيطرة الدولة على الآراء (Williams، 1979، p. 370).
بالنسبة لماركس، البشر عمليون لأنهم يغيرون المجتمع من خلال الممارسات. بالتطبيق العملي، يشير ماركس إلى شكل معين من الممارسة. التطبيق العملي يعني الممارسات السياسية التي تهدف إلى أو تنظم مجتمع محوره الإنسان. التطبيق العملي هو النضال العملي من أجل إنشاء واستدامة مجتمع قائم يشمل عموم الناس. إن إنشاء مجتمع تواصل حقيقي وجيد يحتاج إلى صراعات مستنيرة من خلال “الضرورة الحتمية للإطاحة بكل العلاقات التي يكون فيها الإنسان كائنًا مهينًا ومستعبدًا ومهجورًا ومقيتًا” (Marx، 1844 ب، ص 182). يشمل التطبيق العملي الصراعات الطبقية التي تهدف إلى إلغاء الاستغلال والطبقة والهيمنة. يريد التطبيق العملي تأسيس “إنسانية مطلقة” (Gramsci، 1971، ص 417).
تحتاج الصراعات الاجتماعية إلى ثقافتها الخاصة، والتي تشمل إنشاء القصص وإيصالها؛ التي تركز على؛ كيف يضر الاستغلال والسيطرة بالإنسان والمجتمع وكيف يمكن للمقاومة أن تكون ذاتية التنظيم. ويعتبر التواصل في مقاومة الظلم جانبًا مهمًا من التنظيم الذاتي للاحتجاج.
إن التواصل العملي هو شكل خاص من أشكال التواصل البشري له طابع أخلاقي وسياسي. إنه موجه إلى النضال من أجل الإنسانية والاشتراكية. فالتواصل العملي هو دائما ممارسة تواصلية. لكن فقط مجموعة فرعية من الممارسات التواصلية هي الاتصال العملي. التواصل ليس جيدا بشكل تلقائي. إنه ليس وسيلة تشكك بالاستغلال والسيطرة بشكل تلقائي. التواصل هو ممارسة من خلالها ينتجون ويعيدون انتاج العلاقات الاجتماعية. يستخدم النشطاء التقدميون تقنيات التواصل مثل الإنترنت لتحدي الاستغلال والسيطرة.
دعونا نلقي نظرة سريعة على كيفية تغير الصراعات الاجتماعية في عصر الرأسمالية الرقمية.
بالنظر إلى التغيرات التي طرأت على الطبقة العاملة وأهمية العامل الاجتماعي، والمصنع الاجتماعي، والرقمنة، والعولمة، وظهور الاحتجاج والعاملين لحسابهم الخاص في الرأسمالية، هناك حاجة إلى مفاهيم جديدة واستراتيجيات جديدة وأساليب نضالية جديدة في عصر الرأسمالية الرقمية. تهدف نظرية تواصل إنسانية الماركسية إلى إيصال الصراعات من أجل إنترنت عام جيد وقائم على خدمة الجميع؛ في مجتمع جيد قائم يشمل الجميع وله مجال عام ديمقراطي حيوي.
إن تفرد النيوليبرالية للعمل، وظهور العمل الرقمي، وطمس الحدود بين العمل والترفيه، الخاص والعام، الإنتاج والاستهلاك، المكتب / المصنع والمنزل، خلقت تحديات جديدة للنقابات العمالية والمنظمة من قبل الطبقة العاملة.
بالنظر إلى العولمة والرقمنة والمعلوماتية في العمل وظهور الاستهلاك المنتج، نحتاج إلى أساليب جديدة للإضراب. لن يكون إضراب عمال المعرفة فعالاً إذا لم يكن مختلفًا نوعياً عن الإضرابات التقليدية المنظمة في النقل أو التصنيع. بشكل عام، الإضراب كرفض للعمالة يحتاج إلى وسائل ومستويات رقمية وعالمية من التنظيم.
أظهرت دراسة للتواصل في احتجاجات “حركات احتلوا” (Occupy movements) أن النشطاء يستخدمون وسائط متعددة للتواصل الموجه نحو التعبئة (Fuchs، 2014): التواصل الكلاسيكي بين الأشخاص عبر الهواتف والبريد الإلكتروني ووجهًا لوجه، وملفات تعريف بوسائط التواصل الاجتماعية الخاصة بالإضافة إلى المزيد من أشكال التواصل مثل مجموعات Facebook وTwitter وقوائم البريد الإلكتروني. يعد نشر الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي البديلة أمرا غير شائع أكثر من القيام بنفس الشيء على Twitter وFacebook. أظهر تحليل الارتباط أن المستوى الأعلى من النشاط الاحتجاجي يميل إلى ارتفاع مستوى استخدام وسائل الإعلام لتعبئة الاحتجاجات. إن ارتفاع مستوى المشاركة في الاحتجاجات له تأثيرات إيجابية على استخدام وسائل الإعلام للتعبئة السياسية. تميل التعبئة في التواصل وجهاً لوجه إلى التأثير بشكل إيجابي على الأشكال الأخرى من اتصالات التعبئة. يميل نشر الإعلانات على Facebook من أجل حشد الآخرين إلى التأثير بشكل إيجابي على الأشكال الأخرى من اتصالات التعبئة.
في الرأسمالية الرقمية، اتخذت الصراعات الطبقية والاجتماعية أشكالًا جديدة. “Adbusters” هي حملة كندية ومجموعة تشويش ثقافي. كان لها تأثير كبير في إنشاء حركة “احتلوا وول ستريت”. في سبتمبر 2018، نظمت Adbusters #OccupySiliconValley، إضرابًا ليوم واحد ضد Amazon وApple وFacebook وGoogle. هذا مقتطف من دعوة #OccupySiliconValley للعمل: “كيف نتصدى لأكبر الشركات وأكثرها فسادًا على الإطلاق؟ […] يوم واحد من عدم استخدام أداة البحث في Google: الشيء الوحيد الذي نبحث عنه هو: هل Google يفعل الشر؟ نحن نجبر الروبوت الآلي (الميجابوت) على القيام ببعض البحث الذاتي. نرى ما إذا كان بإمكانه أن يخبرنا، نحن الناس، ما الذي يحدث بالفعل وراء هذا الستار التقني الخبيث”. #OccupySiliconValley لم يكن مجرد مقاطعة من المستهلكين. كان إضرابا عماليا رقميا. لقد كان مثالا على الأبعاد التي يجب أن تأخذها الاضرابات في الاعتبار في عصر الرأسمالية الرقمية.
إن الإنسانية الاشتراكية الرقمية هي البديل للرأسمالية الرقمية (Fuchs، 2020 ب). إنها مجتمع اشتراكي ديمقراطي حيث تفيد التقنيات الرقمية الكثيرين وتساعد في تكوين الثروة والمشاركة والاعتراف والتعبير عن الرأي للجميع. إن الصراعات الاجتماعية على الإنترنت، واستخدام الإنترنت، وضد رأس المال الرقمي هي عنصر أساسي في التواصل العملي الاشتراكي اليوم. لكن لا يمكننا الانتظار حتى اختفاء الرأسمالية الرقمية لإيجاد بدائل. يعد إنشاء منصات إنترنت بديلة في حد ذاته جزءًا من النضال من أجل الاشتراكية الرقمية. تعاونيات المنصات ومنصات الإنترنت للخدمة العامة نوعان من البدائل الرقمية. كلاهما نماذج غير ربحية لتنظيم الإنترنت. تعاونيات المنصات هي منصات إنترنت مدارة ذاتيًا ومملوكة بشكل جماعي ويتم التحكم فيها. يقوم المستخدمون والعاملون الرقميون في المنصة بتشغيل وامتلاك وإدارة تعاونيات المنصات. منصات الإنترنت للخدمة العامة هي منصات الإنترنت التي يتم التحكم فيها وتشغيلها بواسطة وسائط الخدمة العامة مثل الــ BBC.
تُعد خدمة عامة مماثلة لــ YouTube تديرها شبكة من وسائط الخدمة العامة مثل BBC وARD وFrance Télévisions وما إلى ذلك بديلاً لموقع YouTube التجاري الخاص بـ Google. يجب أن تشجع الخدمة العامة المماثلة لــ YouTube على إنشاء مقاطع فيديو حول مواضيع مهمة للديمقراطية. يمكن القيام بذلك عن طريق إنشاء تحديات وحملات حيث تتم دعوة المستخدمين لإنشاء وتحميل مقاطع فيديو مصاحبة لبعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية. يجب تشجيع الإنتاج الجماعي لمقاطع الفيديو هذه في مؤسسات مثل الفصول الدراسية ومجموعات التلاميذ والطلاب ودور المجالس ومجموعات تعلم الكبار والنقابات والجماعات الدينية والفلسفية ومنظمات المجتمع المدني وما إلى ذلك. يمكن تعزيز الإبداع الرقمي من خلال تقديم الخدمة العامة مواد أرشيف الوسائط بتنسيق رقمي باستخدام ترخيص Creative Commons CC-BY-NC الذي يسمح باعتماد المواد وتغييرها لأغراض غير تجارية. يجب ألا تتعاون وسائط الخدمة العامة مع وسائل الإعلام الرأسمالية ولكن مع وسائل الإعلام المجتمعية والمواطنين، وتعاونيات المنصات، والمؤسسات الثقافية العامة الأخرى مثل المتاحف والجامعات والمكتبات.
يلخص القسم التالي النتائج الأساسية لهذه الورقة.

6- الاستنتاجات: الاشتراكية الإنسانية في عصر الرأسمالية الرقمية

طرح هذا المقال مفاهيم لتجديد إنسانية الماركسية والاشتراكية الإنسانية في الرأسمالية الرقمية للقرن الحادي والعشرين. تؤكد نظرية إنسانية الماركسية على أهمية الإنسان في المجتمع. إنه نهج موجه نحو الممارسة والتطبيق العملي الذي يؤكد على القدرة التحويلية للصراعات الطبقية والاجتماعية ضد الاغتراب والأيديولوجيات ولمجتمع يجمع بين الإنسانية والاشتراكية.
تؤكد نظرية تواصل إنسانية الماركسية على أن التواصل هو شكل من أشكال الممارسة البشرية والعملية التي تنتج الفهم الاجتماعي؛ والتي تشمل العلاقات الاجتماعية، والنظم الاجتماعية، والكيانات الاجتماعية في المجتمع. هناك جدلية في العمل والتواصل. في المجتمعات المنعزلة، نواجه أشكالا من التغريب والعزلة من التواصل يحكمها المنطق الآلي.
إن التطبيق العملي هو النضال الاجتماعي من أجل مجتمع اشتراكي إنساني؛ وإنشاء وسائل تواصل ديمقراطية هو شكل من أشكال التواصل العملي. يتطلب المجال العام الديمقراطي وجود وسائل اتصال ديمقراطية لا تهدف إلى الربح؛ إعلام وتثقيف وترفيه بأسلوب غير متحيز؛ غير متحيز للأيديولوجية والسلطة الاقتصادية والسياسية؛ وإعطاء الناس أصواتا عامة في المجتمع.
الاشتراكية الرقمية هي البديل الإنساني للرأسمالية الرقمية. الاشتراكية الرقمية هي النضال من أجل الإنترنت ومشهد الوسائط الرقمية، والمجتمع الرقمي الذي لا تهيمن عليه الشركات ولكن يتم التحكم فيه من قبل المستخدمين والعاملين والمواطنين في شكل ديمقراطية رقمية تشاركية.
كريستيان فوكس: معهد بحوث التواصل والإعلام، جامعة وستمنستر، المملكة المتحدة
REFERENCES
  1. Adorno, T. W. (1950). The authoritarian personality. New York: Harper & Brothers.
  2. Alderson, D., & Spencer, R. (2017). For humanism. Explorations in theory and politics. London: Pluto.
  3. Althusser, L. (1969). Ideology and ideological state apparatuses. In Lenin and philosophy and other essays (pp. 127–186). New York: Monthly Review Press.
  4. Althusser, L., & Balibar, É. (2009) [1968]). Reading Capital. London: Verso.
  5. Arendt, H. (1958). The human condition. Chicago, IL: The University of Chicago Press.
  6. Aristotle. (2009). The Nicomachean ethics. Oxford world’s classics. Translated by David Ross. Oxford: Oxford University Press.
  7. Aristotle. (2013). Aristotle’s politics. Translated by Carnes Lord (Second ed.). Chicago, IL: The University of Chicago Press.
  8. Brown, W. (2015). Undoing the demos. Neoliberalism’s stealth revolution. New York: Zone Books.
  9. Chibber, V. (2013). Postcolonial theory and the specter of capital. London: Verso.
  10. Foster, J. B., & Magdoff, F. (2009). The great financial crisis. Causes and consequences. New York: Monthly Review Press.
  11. Foucault, M. (1969). Qu’est-ce qu’un auteur? In Dits et écrits I 1954–1969 (pp. 789–821). Paris: Gallimard.
  12. Fromm, E. (1941/1969). Escape from freedom. New York: Avon.
  13. Fromm, E. (1947). Man for himself. An inquiry into the psychology of ethics. Abingdon: Routledge.
  14. Fromm, E. (Ed.) (1965). Socialist humanism. An international symposium. Garden City, NY: Doubleday.
  15. Fromm, E. (1976). To have or to be? London: Continuum.
  16. Fuchs, C. (2014). Occupy Media! The Occupy movement and social media in crisis capitalism. Winchester: Zero Books.
  17. Fuchs, C. (2016a). Critical theory of communication: new readings of Lukács, Adorno, Marcuse, Honneth and Habermas in the age of the Internet. London: University of Westminster Press.
  18. Fuchs, C. (2016b). Georg Lukács as a communications scholar: Cultural and digital labour in the context of Lukács’ “ontology of social being”. Media, Culture and Society, 38(4), 506–524.
  19. Fuchs, C. (2016c). Herbert Marcuse and social media. Radical Philosophy Review, 10(1), 113–143.
  20. Fuchs, C. (2017a). Günther Anders’ undiscovered critical theory of technology in the age of big data capitalism. tripleC: Communication, Capitalism & Critique, 15(2), 584–613.
  21. Fuchs, C. (2017b). Raymond Williams’ communicative materialism. European Journal of Cultural Studies, 20(6), 744–762.
  22. Fuchs, C. (2017c). Social media: a critical introduction. London: Sage. Second edition.
  23. Fuchs, C. (2017d). The praxis School’s Marxist humanism and Mihailo Markovic’s theory of communication. Critique, 45(1–2), 159–182.
  24. Fuchs, C. (2018a). Digital demagogue: authoritarian capitalism in the age of Trump and Twitter. London: Pluto.
  25. Fuchs, C. (2018b). Towards a critical theory of communication with Georg Lukács and Lucien Goldmann.
  26. Javnost – The Public, 25(3), 265–281.
  27. Fuchs, C. (2018c). Universal alienation, formal and real subsumption of society under capital, ongoing primitive accumulation by dispossession: Reflections on the Marx@200-contributions by David Harvey and Michael Hardt/Toni Negri. tripleC: Communication, Capitalism & Critique, 16(2), 406–414.
  28. Fuchs, C. (2019a). Henri Lefebvre’s theory of the production of space and the critical theory of communication. Communication Theory, 29(2), 129–150.
  29. Fuchs, C. (2019b). M. N. Roy and the Frankfurt school: Socialist humanism and the critical analysis of communication, culture, technology, fascism and nationalism. tripleC: Communication, Capitalism & Critique, 17(2), 249–286.
  30. Fuchs, C. (2019c). Revisiting the Althusser/E. P. Thompson-Controversy: Towards a Marxist Theory of Communication. Communication and the Public, 4(1), 3–20.
  31. Fuchs, C. (2020a). Communication and capitalism. A critical theory. London: University of Westminster Press. https://doi.org/10.16997/book45
  32. Fuchs, C. (Ed.) (2020b). Communicative socialism/digital socialism. tripleC: Communication, Capitalism & Critique, 18(1), 1–285.
  33. Fuchs Christian (2020). Erich Fromm and the Critical Theory of Communication. Humanity & Society, 016059762093015. https://doi.org/10.1177/0160597620930157
  34. Fuchs, C. (2020d). Nationalism on the Internet: critical theory and ideology in the age of social media and fake news. New York: Routledge.
  35. Fuchs, C., & Monticelli, L. (Eds.) (2018). Marx@200: Debating capitalism & perspectives for the future of radical theory. tripleC: Communication, Capitalism & Critique, 16(2), 406–741.
  36. Gramsci, A. (1971). Selections from the prison notebooks. New York: International Publishers.
  37. Habermas, C. (2019). Auch eine Geschichte der Philosophie. Band 1: Die okzidentale Konstellation von Glauben und Wissen. Frankfurt am Main: Suhrkamp.
  38. Habermas, J. (1968). Arbeit und Interaktion. Bemerkungen zu Hegels Jensener “Philosophie des Geisters”. In Technik und Wissenschaft als “Ideologie” (pp. 9–47). Frankfurt am Main: Suhrkamp.
  39. Habermas, J. (1971). Knowledge and human interests. Boston, MA: Beacon Press.
  40. Habermas, J. (1985a). The theory of communicative action. Volume 1: Reason and the rationalization of society. Boston, MA: Beacon Press.
  41. Habermas, J. (1985b). The theory of communicative action. Volume 2: Lifeworld and system: A critique of functionalist reason. Boston, MA: Beacon Press.
  42. Harvey, D. (1990). The condition of postmodernity. An enquiry into the origins of cultural change. Cambridge, MA: Blackwell.
  43. Harvey, D. (2003). The new imperialism. Oxford: Oxford University Press.
  44. Harvey, D. (2005). A brief history of neoliberalism. Oxford: Oxford University Press.
  45. Harvey, D. (2010). The enigma of capital and the crises of capitalism. Oxford: Oxford University Press.
  46. Harvey, D. (2018). Universal alienation. tripleC: Communication, Capitalism & Critique, 16(2), 424–439.
  47. Hegel, G. W. F. (1803/1804). Jenaer Systementwürfe I. Hamburg: Felix Meiner Verlag.
  48. Hegel, G. W. F. (1805/1806). Jenaer Systementwürfe III. Hamburg: Felix Meiner Verlag.
  49. Honneth, A. (2008). Reification. A new look at an old idea. With commentaries by Judith Butler, Raymond Geuss and Jonathan Lear. Oxford: Oxford University Press.
  50. Horkheimer, M. (1939/1989). The Jews and Europe. In S. E. Bronner & D. Kellner (Eds.), Critical theory and society: a reader (pp. 77–94). New York: Routledge.
  51. Jhally, S. (2016). Stuart Hall: The last interview. Cultural Studies, 30(2), 332–345.
  52. Lukács, G. (1963). Die Eigenart des Ästhetischen. 1. Halbband. Georg Lukács Werke Band 11. Darmstadt: Luchterhand.
  53. Lukács, G. (1971). History and class consciousness. London: Merlin.
  54. Lukács, G. (1978). The ontology of social being. 3: Labour. London: Merlin.
  55. Lukács, G. (1986a). Zur Ontologie des gesellschaftlichen Seins. Erster Halbband Bände. Georg Lukács Werke, Band 13. Darmstadt: Luchterhand.
  56. Lukács, G. (1986b). Zur Ontologie des gesellschaftlichen Seins. Zweiter Halbband Bände. Georg Lukács Werke, Band 14. Darmstadt: Luchterhand.
  57. Macpherson, C. B. (1973). Democratic theory. Oxford: Oxford University Press.
  58. Marx, K. (1842). Debates on the freedom of the press. In Marx & Engels collected works (MECW) Volume 1 (pp. 132–202). London: Lawrence & Wishart.
  59. Marx, K. (1844a). Comments on James Mill, Élémens d’economie politique. In Marx & Engels collected works (MECW) Volume 3 (pp. 211–228). London: Lawrence & Wishart.
  60. Marx, K. (1844b). Contribution to the critique of Hegel’s philosophy of law. In Marx & Engels collected works (MECW) Volume 3 (pp. 175–187). London: Lawrence & Wishart.
  61. Marx, K. (1844c). Economic and philosophic manuscripts of 1844. In Marx & Engels collected works (MECW) Volume 3 (pp. 229–346). London: Lawrence & Wishart.
  62. Marx, K. (1845). Theses on Feuerbach. In Marx & Engels collected works (MECW) Volume 5 (pp. 3–5). London: Lawrence & Wishart.
  63. Marx, K. (1852). The eighteenth Brumaire of Louis Bonaparte. In Marx & Engels collected works (pp. 99–197). London: Lawrence & Wishart.
  64. Marx, K. (1867a). Capital. A Critique of Political Economy. Volume One. Translated by Ben Fowkes. London: Penguin.
  65. Marx, K. (1867b). Das Kapital. Kritik der politischen Ökonomie. Erster Band. MEW Band 23. Berlin: Dietz.
  66. Marx, K., & Engels, F. (1845/46). The German ideology. In Marx & Engels collected works (MECW) Volume 5. London: Lawrence & Wishart.
  67. Pateman, C. (1970). Participation and democratic theory. Cambridge: Cambridge University Press.
  68. Roberts, M. (2016). The long depression. Marxism and the global crisis of capitalism. Chicago, IL: Haymarket Books.
  69. Smith, A. (1776). An inquiry into the nature and causes of the wealth of nations. London: Wordsworth.
  70. Sohn-Rethel, A. (1978). Intellectual and manual labour: A critique of epistemology. London: Macmillan.
  71. Taylor, C. (2016). The language animal. The full shape of the human linguistic capacity. Cambridge, MA: The Belknap Press.
  72. Thompson, E. P. (1978). The poverty of theory & other essays. London: Merlin.
  73. Wallerstein, I., Collins, R., Mann, M., Derluguian, G., & Calhoun, C. (2013). Does capitalism have a future? Oxford: Oxford University Press.
  74. Warren, R. (Ed.) (2017). The debate on “Postcolonial theory and the specter of capital”. London: Verso.
  75. Weber, M. (2019). Economy and society. Cambridge, MA: Harvard University Press.
  76. Williams, R. (1976). Communications. Harmondsworth: Penguin Books.
  77. Williams, R. (1977). Marxism and literature. Oxford: Oxford University Press.
  78. Williams, R. (1979). Politics and letters: Interviews with New Left Review. London: Verso Books. Williams, R. (1980). Culture aŽižek, S. (2007). How to read Lacan. New York: W. W. Norton & Company.

كريستيان فوكس – ترجمة: عادل كنيش مطلوب

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات